إسرائيل بالعربية – بقلم جمال مزراحي – تمر القارة الأوروبية اليوم بتغييرات خطيرة تهدد واقعها الديني وتركيبها السكاني وحضاراتها بالمجمل …, ليس هذا فحسب بل تعدى الأمر الى هجمات إرهابية منسقة تمت داخل معظم بلدان القارة العجوز وما حصل لباريس قبل أيام خير شاهد على ذلك. لكن ردود أفعال الحكومات الأوروبية المشتتة إزاء هذا الخطر السرطاني أوجدت للأخير مساحة خصبة للانتشار والتوسع وما التغلغل في المؤسسات المدنية الاجتماعية الأوروبية من قبل الإسلاميين المتطرفين إلا دليل على هذا التوسع والانتشار والذي يعد هو الآخر أخطر من التزايد العددي الذي نشهده اليوم من قبل المهاجرين الذي الكثير منهم قد يحمل أفكارا إرهابية أو على الأقل يحمل في جعبته النقمة على أوروبا المسيحية انطلاقا من خلفيته الدينية التي يؤمن بها, فضلا عن وسائل الاعلام على الأخص الانترنت الذي باتت مواقعه منبرا حرا لتسريب الخطاب الاسلامي المتطرف بين العرب بل والأوربيين أيضا الذين انخرط الكثير منهم في صفوف داعش في سابقة خطيرة قل مثيلها والشواهد على هذا الموضوع كثيرة تحتاج الى كتابة مقال.
والأغرب من كل ذلك ما نجده في ما يناديه أئمة المساجد داخل المجتمعات الأوروبية بالحفاظ على مكانة الأقليات المسلمة وعدم الاختلاط بالغربيين المسيحيين بأي شكل في وقت يسعى هؤلاء ( الأئمة) ومؤيديهم بشكل غير مباشر الى الهيمنة الشاملة على المجتمعات المسيحية وإذابتها في البودقة الإسلامية رغم ما ينادونه العكس في الظاهر كجزء من مخطط (أسلمة أوروبا) الذي شهدنا بوادره الأولى منذ الثمانينات من القرن المنصرم, وهو مشابه الى حد ما المشروع العثماني الذي كان يعمل على محو المسيحية في أوروبا وإحلال الإسلام الدين الأول هناك لأغراض جيو-سياسية تتعلق بالهيمنة وبسط النفوذ من قبل الطرف المستعمر وهذا ما أكدته كتب التاريخ القديمة العربية والغير عربية .أما التهديد الإسلامي الذي نشهده اليوم لا يشمل فقط أمن وسلامة المواطن الأوروبي بقدر ما يمس الإرث الثقافي والحضاري كما حصل في شمال أفريقيا وآسيى الوسطى التي أزال المسلمون التتار كل ما يتعلق بحضاراتها وإرثها وهذا قد يحدث لأوروبا على المدى البعيد ان لم تتدارك القيادات الحاكمة الأوروبية خطورة الموقف قبل فوات الأوان.
غباء الديمقراطية الأوروبية كان سببا وراء تفاقم هذا الخطر مما حذا ببعض الأوروبيين الى إطلاق تحذيرات في عدة مؤتمرات حول تداعيات وجود الإسلام المتطرف الذي أصبح أمرا واقعا يفرض نفسه وانتقدوا بعد ذلك سياسة ميركل الداعية لفتح جميع الأبواب للمهاجرين دون التدقيق ومعرفة انتماءاتهم الفكرية على الأقل رغم ان هذا الأمر شبه مستحيل تحقيقه!. فالإجراءات التي يقوم بها رجال وعناصر الأمن تجاه اللاجئين والمهاجرين ليست بالمستوى المطلوب هذا من جانب, من جانب آخر لا ننسى المواطن الأوروبي الذي يشعر اليوم بالقلق والريبة جراء تزايد أعداد المسلمين الذين قد لا يتجاوزون 20 مليون نسمة في أوروبا ولكن هذا لا يعني التغاضي عن هذه النسبة خصوصا بأن (قادتهم الدينيين) يمتلكون اليوم حرية كاملة في التعبير بل الكثير من هؤلاء القادة ينادي يوم بسقوط الأنظمة الحاكمة في الصميم!!!.
خطر الاسلام المتطرف لا يمكن تجاهله بهذه البساطة ولا يمكن التعاطي مع هذه الأزمة بهذا البرود وللامبالاة لأن هذه النتائج السلبية ستتناسب طرديا مع إفساح المجال للحالمين بالفتوحات الإسلامية كي يكون لهم مرتع خصب يتحركوا فيه بكل حرية وينفذوا مخططاتهم دون سابق إنذار مستغلين شعارات الديمقراطية و مبادىء حقوق الإنسان كواجهات يخفون فيها نواياهم الحقيقية وهذا ما يحدث اليوم بكل أسف.