أقلام القراء / بقلم جمال مزراحي
لم تعترف حتى اليوم الشعوب الناطقة بلغة الضاد بأنها وراء نشوء الدكتاتوريات العسكرية (الأنظمة العربية السابقة والحالية) وهي التي من قدست رؤسائها الى درجة بأن هوية الوطن ككل ليس لها قيمة دون الشخص الحاكم فكأن هذا الشخص هو الإمام المعصوم وإن كانت قراراته لم تصب في مصلحة البلد وليست هنالك مشكلة في انتشار الفقر والبطالة وووو… الخ لطالما بأن هذا الشخص الحاكم هو من اختيار هذه الشعوب المهم بأنه عدو إسرائيل فهذا يكفي… !
فالأغاني الوطنية –الحموصية والشعارات العاطفية العمياء تطرب الآذان بالانتصارات المزعومة التي لم تعدو مجرد تاريخ كتبته آياد السلاطين كما يصف الدكتور علي الوردي هذه الشعوب أما السجون التي كانت ولا زالت تعج بالمعارضين لهذه الأنظمة وكل ما يجري فيها من تعذيب وإهانة للإنسانية فهؤلاء في نظر شعوبهم عملاء إسرائيل يستحقون كل ما يجري عليهم وان كانوا يطالبون بالحرية والكرامة.
هنا نجحت هذه الأنظمة في تجيير شعوبها لصالحها وبالتالي خلق عدو افتراضي يلهي هذه الشعوب عن قضاياه الداخلية ويوجه دفته نحو قضايا مفتعلة هي بالأصل من صنع الاعلام العربي التابع لهذه الأنظمة. والغريب في الأمر بأن الكثير من المعارضين للأنظمة العربية بدلاً من أن يعترفوا بأخطاء هذه الأنظمة يسارعون الى رمي الكرة في ملعب آخر فيتهمون إسرائيل بأنها تساعد الأنظمة العربية الحاكمة وتمدها على جميع الصعد وهذا التصور في الحقيقة مضحك بقدر ما هو مبكي !, فالكل يعلم بأن الدكتاتوريات العربية لم تخفي عدائها الصارخ لشعب إسرائيل وحكومته وهي تنشد الأناشيد تارة وتخيط الألاعيب الدبلوماسية الخبيثة تارة أخرى وهذا ما جرى على مر التاريخ ويجري اليوم بشكل لا يقبل الشك . من الطريف إن الدكتور كمال اللبواني وهو أحد المعارضين السوريين ظهر في إحدى الفضائيات العربية وكان ينتقد في حديثه الشعوب العربية ويقول بصريح العبارة : " أليست هذه الشعوب هي من صنعت الدكتاتوريات أليست هي من ذبحت لهم الخواريف بحسب تعبيره _ لماذا إذن نتهم اسرائيل بأنها وراء هذه الأنظمة وهي عدوة لها في الوقت نفسه ؟!".
بل حتى الربيع العربي المزعوم جلب المزيد من الدمار والخراب على أهله بل سهل للمتطرفين بأن يكون لهم موطئ قدم و تبوؤهم مراكز قوى باتت اليوم تثير قلق العالم والمجتمع الدولي ولا ننسى بأن هؤلاء الارهابيين هم أكثر عداءاً لإسرائيل من الأنظمة السابقة وهذه يعني بأن هذه التغييرات الجيوسياسية وكل ما يتصل بها هي بالأساس نابعة من الداخل كما أثبتنا ذلك في أكثر من مناسبة .