موقع إسرائيل بالعربية / أقلام القراء
راكان عبدالباسط الجُــبَيحي / كاتب صحفي- يمني
لا أخفيكم علماً بأن دخولي تعز ولأول مرة منذ بداية الصراع بطريقة لا يمكن وصفها كانت نوع من المغامرة.. مع وجود احتمال بحدوث أي امر طارئ او ملاسنات خلال الرحلة بسبب الأوضاع العصيبة التي تعيشها المدينة.
كنت غير متيقناً بأن أقدم على المدينة وهي تكتظ بنوع من الحركة في بعض شوارعها الرئيسية. وان كانت بنسبة متفاوتة بطبيعة الوضع الراهن.. إلا انني رأيت مشاهداً غير متوقعة. مما وجدت نفسي في قلب تعز. ومرتمياً في حضن الحالمة براحة شبه كاملة.. مع الأخذ بعين الاعتبار أي تداخل مزدوج بسبب الاوضاع المتوترة. حتى عكست ما كان يتصوره البعض من معارك طوال الوقت بطبيعة المواجه العنيفة التي تحدث في المدينة في فترات زمنية محدودة.
ان تعز المدينة ، وبجانب بعض اجزاءها واطرافها التي تسيطر عليها المقاومة ممن مررت بها تشهد حركة بشكل غير متوقع طيلة اليوم باستثناء عند ساعة الغروب، وبعد منتصف الليل حيث اشتداد المعارك في بعض الجبهات بين رجال المقاومة ومليشيا الحوثي وصالح .
من خلال مروري ببعض شوارع تعز. لم أرى على الأطلاق ذلك الدمار والخراب الذي يصوره الجميع.. باستثناء اماكن التماس ، وبعض الجبهات البعيدة عن المدينة . وهذا أمر وارد. لطالما صمدتّ المقاومة في دفاعها عن تعز .. ضد جحافل التمرد والخراب .
رأيت رجال للمقاومة في معظم اجزاء المدينة ، ومليشيا الحوثي وصالح في اماكن محددة خارج المدينة. في ظل تكبدهم لخسائر فادحة. وفقدهم لمواقع هامة.. نتيجة تقدم المقاومة والتحول من خط الدفاع الى الهجوم .
رأيت أسواق تكتظ بالازدحام ، محلات تُفتح ، وقوة شرائية وان كانت ضئيلة .. لكنها تُصرّ على الوجود والثبات ، والتحدي .. ومقاومة الواقع المرير بتعاونهم ، وخدماتهم ، وتلبية بعض أساسيات العيش ومقومات الحياة .
رأيت دمار في بعض أجزاء المدينة ، وبعض المنازل المطلة على الشوارع الرئيسية.. إلا انه ليس بالشكل الذي كنا نتصوره.. مع انه شيئاً وارداً في معارك الصراع.. بطبيعة الوضع المحتقن ، والشد والجذب الذي تعيشه المدينة جراء غطرسة ، وعجرفة مليشيا الحوثي وصالح .
رأيت انقطاع كامل للكهرباء وللأنترنت ، نتيجة للقصف العشوائي المكثف التي تشنه جماعة الحوثي وصالح على اماكن ومنشآت حيوية.. وذلك قد يعطي مؤشراً إيجابياً على تخبط الجماعة ، واستنزاف قوتهم ، والسقوط المتتالي لمواقعهم نتيجة الخطوات الغبية التي يسلكونها في تمزيق المدينة .
رأيت كسر المواطنين لحاجز الخوف.. وصمود وثبات لم اتوقعه على الإطلاق.. تماماً كما لم اتوقع مقاومتهم للحياة في طقوس الحرب ، ومناخ القصف والقتال ، وانعزال تام عن اساسيات العيش.. في ظل الحصار الخانق التي تفرضه مليشيا الحوثي وصالح على المدينة.
رأيت ومن خلال زياراتي لجبهات القتال.. ولقادة المقاومة والمجلس العسكري.. بحكم مهمتي وعملي الصحفي رأيت في رجال المقاومة روح قتالية ، ونية صادقة في الدفاع عن تعز .
رأيت قادة المقاومة يتنقلون في جبهات القتال بين لحظة وأخرى. ويتقدمون الصفوف.. وهذا ما زرع الأمل في قلوب الجميع ورجال المقاومة خصوصاً ، وعزز من تصاعد الهجمات وعمليات الزحف والتقدم نحو مسار الهجوم. والسيطرة على مواقع كانت تابعة لجحافل التمرد .
رأيت ورأيت أشياء كثيرة.. إيجابية وسلبية . مع أن معظمها إيجابية.. كون المواطنين يصرون على التحدي.. ومقاومة قساوة الحياة.. وهذا بحد ذاته انتصار كبير. وموضع فخر يعتز به الجميع .!!