سموا هذا كما تريدون…الفلسطينيون لا يريدون العيش في دولة إلى جانب دولتنا بل القضاء على إسرائيل
صحيفة إسرائيل اليوم / بقلم درور ايدار
حل الدولتين مات. براك أوباما هو الذي دفن هذا الحل، ومبعوثه لهذه المهمة كان جون كيري. وقد أعطيت الإشارة في خطاب القاهرة في 2009. هناك وافق أوباما على الرواية اليسارية القائلة إن الغرب يتحمل مسؤولية مشكلات الإسلام. بسبب الكولونيالية والشرقية، والعرب المساكين لا يتحملون المسؤولية. كجزء من اعتذاره، وافق أوباما ايضا على الموقف الإسلامي من إسرائيل: إن حق إسرائيل في الوجود ينبع من المطاردة التي عانى منها الشعب اليهودي والكارثة. استمرار الفكرة ـ التي لم تذكر من قبل أوباما، لكن يمكن استخلاصها ـ كما هو موجود في كتابات بعض المفكرين هي أن الفلسطينيين هم «ضحايا الكارثة الحقيقيين».
بعد الخطاب بسنة ونصف اندلع «الربيع العربي» وبدأ الشرق الأوسط في التفكك من البنية القومية الكولونيالية عائدا إلى البنية القبلية والحمائلية. وعانقت ادارة أوباما المتظاهرين في مصر وأيدت نقل السلطة لممثل الاخوان المسلمين. وقد عانق ايضا اردوغان. وفي المقابل، لم يتدخل في تزوير الانتخابات الإيرانية في العام 2009 بعد خطاب القاهرة باسبوع.
قبل سنة نشرت حوارا مع المخرج الإيراني في المنفى، محسن مخملباف، الذي كان المتحدث باسم موسوي، قائد «الثورة الخضراء» التي احتجت على التزوير. وقد تحدث عن الحاجة إلى مساعدة رجال أوباما الذين تنكروا لهم: «الاشخاص الذين خرجوا إلى الشوارع في إيران قالوا لأوباما: هل أنت معهم أم معنا؟ أوباما كان معهم، لأنه ليس مهما له من سيكون في الحكم. هذا ما قيل لي».
بالنسبة لإسرائيل، عبر الخطاب عن تغيير سيء في العلاقة مع الولايات المتحدة حول الصراع على هذه البلاد. صحيح أن الادارات السابقة أيدت قيام الدولة الفلسطينية، لكن ذلك تم بناء على اعتبارات جيوسياسية ومصالح أمريكية. تأييد أوباما للدولة الفلسطينية كان مثاليا وايديولوجيا واعتمد على اعتبارات اخلاقية.
الفلسطينيون زادوا تصلبهم لأن ادارة أوباما كانت معهم. ومن ضمن التصرفات في هذا الامر يمكن القول إن الرئيس السابق وافق تماما على الموقف اليساري تجاه الصراع: إسرائيل هي المشكلة والفلسطينيون هم الحل. هوس أوباما وكيري هذا وجد تعبيره في «وصيتهم» ـ في الخطاب الاخير لوزير الخارجية كيري، لم يتحدث عن المشاكلات والفوضى في العالم، بل ركز على البلدات اليهودية في الوطن اليهودي التاريخي (يهودا والسامرة)، معتبرا إياه "عقبة أمام السلام". أوباما في ساعاته الاخيرة كرئيس صادق على اعطاء 221 مليون دولار للسلطة الفلسطينية. إلى أين ستذهب هذه الاموال؟
في ذلك الاسبوع علمنا أن السلطة الفلسطينية ستدفع لزوجة المخرب الذي قتل اربعة جنود في عملية الدهس الارهابية في امون هنتسيف، 2.900 شيكل (900 دولار) شهريا. يمكن وضع خط متواصل بين خطاب القاهرة والتوقيع الاخير لأوباما.
هل معرفة أننا نواجه رئيسا أمريكيا «غير عادي»، بل مثالي (مسيحاني)، الذي قد يضر بشكل كبير بإسرائيل، هو الذي دفع بنيامين نتنياهو إلى ادخال التعديل على موقف حكومات اليمين؟ بعد عشرة ايام من خطاب القاهرة اعلن نتنياهو في خطاب في جامعة بان ايلان على الموافقة على حل الدولتين. حقيقة أن خطابه كان يشبه خطاب القاهرة، يمكن الاستدلال عليها من فقرة كاملة في الخطاب جاء فيها: «حق الشعب اليهودي في دولة في أرض إسرائيل لا ينبع من استمرار الكوارث التي حلت بنا… بل من حقيقة واحدة بسيطة هي أن هذا هو وطن الشعب اليهودي، وهنا تشكلت هويتنا».
نتنياهو تحدث عن جذور المشكلة والصراع، ليس ما يسمى ب"الاستيطان" اليهودي وليس «الاحتلال» (أي انسحاب لن يعمل على تقريب السلام)، بل الرفض العربي الفلسطيني الممتد مئة سنة «الاعتراف بحق الشعب اليهودي بدولة في وطنه التاريخي». لذلك فإن المبدأ الاول لأي اتفاق هو الاعتراف بإسرائيل كبيت قومي للشعب اليهودي. هذا المبدأ لم تتم الموافقة عليه من قبل الزعماء العرب أو الفلسطينيين، بما في ذلك اولئك «العلمانيون» أو «المعتدلون».
البند 15 مثلا في الميثاق الفلسطيني لحركة فتح يقول «تحرير فلسطين من الناحية العربية هو مثابة واجب قومي من اجل طرد الصهيونية والامبريالية وتطهير فلسطين من الوجود الصهيوني». وليس فقط الجزء التي احتل في العام 1967، بل كل البلاد. أليس هذا تطهيرا عرقيا؟.
البند 20 يرفض وعد بلفور ويقول «ادعاءات الصلة التاريخية أو الدينية لليهود في فلسطين تناقض الحقائق التاريخية»، ليس فقط في الحرم، بل في جميع البلاد. ويقول هذا البند ايضا: «اليهودية كديانة سماوية ليست قومية ذات وجود مستقل، وايضا اليهود ليسوا شعبا واحدا له كيان مستقل». اليهود هم دين وليسوا شعب، لذلك ليس من حقهم تقرير مصيرهم القومي، خصوصا في هذه البلاد التي لا توجد صلة لهم بها. إن هذه الاقوال بهذه الروحية توجد في وثيقة أهداف عرب إسرائيل منذ العام 2006، كما صاغتها لجنة المتابعة.
مبدأ اساسي آخر وضعه نتنياهو لأي اتفاق هو أن الكيان الفلسطيني الذي سينشأ يجب أن يكون منزوع السلاح، من اجل عدم تحويله إلى كيان إرهابي في قلب البلاد. هذا يعني السيطرة الأمنية الكاملة لإسرائيل، من النهر حتى البحر. هذا المبدأ زادت أهميته بعد انهيار الانظمة العربية ومعرفة أنه محظور علينا الاعتماد على التوقيع مع كيان ما قد يتم استبداله بدولة حماس أو داعش على ظهر الجبل.
نتنياهو كرر هذين المبدأين هذا الاسبوع، لكنه اضاف ان السيطرة الأمنية الكاملة لإسرائيل من النهر إلى البحر لا تتلاءم مع فكرة الدولتين. لأن هذا «أقل من السيادة». وجوابه كان «اذا لتكن سيادة مع تحفظات، اذا شئتم تسميتها هكذا». وعندما تحدث عن دولة منزوعة السلاح قال «سموا هذا كما تريدون». واضاف أن اسحق رابين كان ايضا يعتقد ذلك.
وفي النهاية قال إن المستوطنات ليست عقبة في طريق السلام، لأن أبو مازن ورام الله «لا يريدون دولة إلى جانب إسرائيل، بل يريدون اقتلاع اخواننا واخواتنا من يهودا والسامرة، وبعد ذلك اقتلاعهم من يافا وعكا والناصرة. هم يقولون ذلك». في ظل هذا الواقع، حيث اصبح واضحا أن الدولة الفلسطينية ستهدد وجود إسرائيل، يتحقق المبدأ الذي وضعه د. عكيفا: «حياتك أم حياة صديقك ـ حياتك أولا».
عندما اراد عاموس عوز تبرير اقامة دولة إسرائيل تحدث عن قطعة خشبية تطفو من سفينة غارقة، لا خيار سوى الامساك بها. الآن ايضا لا يوجد خيار، والتجربة الواضحة تؤكد أنه يجب علينا منع اقامة دولة إرهابية في قلب بلادنا. حان الوقت كي نعود إلى صيغة الحكم الذاتي لمناحيم بيغن. وسموا ذلك كما تريدون.