إسرائيل بالعربية / أقلام القراء / بقلم: جمال مزراحي
لا زال الغموض يقف كالجبل الحائل أمام تنبؤات المنجمين وتحليلات المراقبين حول العراق وأوضاعه التي لا تقف عند وتيرة واحدة فالأزمة تنجب أزمة أكثر منها تعقيدا وتشعبا وهكذا الحال كما هو عليه منذ خمسة عشر عام, والسؤال الذي ظل معلقا طوال هذه الأعوام لا زال يردد صداه في الفضاء ليصطدم بالعام الجديد ,فهل ستتحسن أوضاع هذا البلد في هذا العام أم سنلحظ تراجعا نحو الدرك الأسفل؟… الإجابة على هذا السؤال لا زالت تقض مضجعنا الى اليوم .
ولكننا قد نستطيع ان نفيد بشيء يسير في المستقبل القريب انطلاقا من السيناريوهات التي بين أيدينا والتي من عناوينها فرض حيدر العبادي نفسه للبقاء في الرئاسة ربما لسنتين أو أكثر وهذا يعني فكرة رحيله التي كانت تتحدث عنها معظم وسائل الاعلام أصبحت اليوم من المستحيلات, فالدكتور العبادي أدرك وان جاء إدراكه متأخرا بأن التعويل على الأحزاب الدينية الشيعية وحدها لن يصب في مصلحته, خاصة وان هذه الاخيرة لا تزال الى اليوم تجير كل ما تملك من أجهزة و وسائل من أجل إزاحته ويبدو بأنها فشلت في مسعاها اليوم أمام حنكة العبادي التي يبدو بأنها تميل الى الجانب الأمريكي أكثر من الإيراني انطلاقا من البراغماتية وفهم مجريات الأمور خاصة وان الإرادة الأمريكية لا زالت حاضرة في العراق رغم ان اللاعب الإيراني لم ينفك من محاولة التقليل من شأنها هنا وهناك.
السيد العبادي يسعى اليوم لإعادة النظر في الكثير من الأخطاء التي ارتكبت في السنوات الماضية (حقبة المالكي) وهذا يعني محاولته فتح صفحة جديدة في العلاقات مع دول الجوار و مد الجسور و التحالفات التي قد تستهدف معظم دول المحيط العربي وما افتتاح القنصلية السعودية في بغداد اليوم إلا مؤشر على هذه التحالفات رغم انها لا زالت الى اليوم تحمل طابعا ضبابيا بعيد عن أضواء الاعلام, ناهيك عن سعي رئيس الوزراء الى مد تحالفات أخرى في الداخل البرلماني تشمل قادة المجلس الأعلى واتحاد القوى وتيار الأحرار والحزب الديمقراطي الكردستاني بمباركة وتأييد خفي من رجال الدين في النجف بالرغم من ان هذه القيادات اشترطت عدة أمور مقابل دخولها في معترك هذا التحالف الذي قد يكون الهدف من إقامته السعي لتحجيم دور الأصبع الإيراني الذي يمثله هادي العامري ونوري المالكي وقيس الخزعلي وكل من لف لفهم , خاصة وان دور الحشد الشعبي في معركة الأنبار الأخيرة لم يكن ملموسا مضافا إليه التراجع الاعلامي الملحوظ الذي نشهده اليوم فيما يتعلق بالحشد و زعمائه الذين لم ييأسوا الى اليوم في بذل كل الجهود لإسقاط العبادي لولا تدارك الأخير قواعد اللعبة كما أشرنا .
الأمريكان لا زالوا يسيرون بصمت في تطبيق استراتيجيتهم فهناك حديث يجري خلف كواليس البيت الأبيض عن ضرورة إقامة دولة سنية سورية- عراقية (سوراقيا) خاصة بأن تصريح الناطق باسم التحالف الدولي الكولونيل "ستيف وارن"بأحقية السنة بإقامة أقاليم مستقلة قد يدعم هذا التوقع من قريب أو بعيد, وهذا يعني بأن الإقليم السني هو مرحلة بديلة لما بعد داعش أو لملىء فراغ المناطق التي يسيطر عليها التنظيم وهذا ما يثير مخاوف الإيرانيين وأنصارهم بالتأكيد.
عام 2016 سيحمل في طياته الكثير من المستجدات التي ستنعكس صداها عاجلا أم آجلا والخاسر الأكبر هذه المرة سيكون الطرف الشيعي- الإيراني الذي يبدو اليوم خاصرة رخوة أمام خصومه العرب والأتراك أما الولايات المتحدة فلا زالت الى الآن تلعب دور المراقب الخفي الذي يمسك الخيوط من بعيد دون إثارة الشبهات.