تختزن قرية كفر برعم المارونية الجليلية حضارات حفرت في صخورها لتبقى شاهدة أمام تاريخ الإنسانية على مسيحيتها، وهي التي احتضنت ثقافات أجدادها؛ السريان الآراميين والموارنة والفينيقيين.
فعلى تلة تحاط بغابات لونتها بأجمل لوحة طبيعية، زادتها سحرًا لتصبح أكثر من اسم قرية بل رسالة عيش وحياة، حيث ارتفعت على أرضها كنيسة الموارنة التاريخية، تحاذي كنيسًا يهوديًا قديمًا، تماذجا لعزف أيقونة التعايش غير المتأثر أبدًا بلغة الحروب وما انتجته من أحقاد.
صحيح، لقد كانت كفربر ضحية من ضحايا الصراع الإسرائيلي العربي، إذ دفع أهلها ثمنًا باهظًا؛ هجرةً، ونزوحًا. ولأنهم أبناء حضارة صلبة لا تقوى عليها الأيام ومحاولات النسيان، ولأنهم أبناء دين لا يعرف للضغينة عنوان، توجه أهلها الى السلطات الإسرائيلية من أجل تطبيق وعدها لهم بإعادة القرية الأثرية الشامخة إلى الحياة، والعودة إلى أحضان بلدتهم الأم. ولا زال الأهالي في نضال حضاري سلمي مع دولتهم لإحقاق الحق في قضيتهم المميزة والمترفعة والتي لا علا قة لها بصير وقضايا قرى أخرى.
لكن يبدو أن هناك من لا تعجبه لغة السلم والسلام، وبحجة الدعم جاء رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية المتعاطفة مع تنظيم داعش وأخواته، أقله معنوياً وسلوكًا طبعًا، في زيارة لهي أكثر من تحريضية، تصدى لها أشراف البلدة، فتحولوا إلى سياج يقي كفر برعم من خطة شيطانية.
فبرعم ستبقى مسيحية، وليست لا جزءا من "فلسطين" ولا من المشاريع العربية، هي قرية مارونية تقبع في الدولة الإسرائيلية، لن تكون مدخل مساومة ولا تحريض ولا آلية للمحاولات الإرهابية… ومن له اذنان فليسمع.