موقع إسرائيل بالعربية – صوت الشعب الإسرائيلي
أقلام القراء / جمال مزراحي (العراق)
ان ما يرتكب اليوم بحق المسيحيين و الإيزيديين والشبك وغيرها من الأقليات الموجودة في العراق ليس أمرا يثير الدهشة والاستغراب… على العكس إنما هو نتاج منطقي و تحصيل حاصل لما كان متراكما ومختبئا خلف الكواليس… فمنذ عام 2003 والى يومنا لم يعترف أحد بحق الأقليات المسالمة في حق العيش على الأقل والمساواة مع جيرانهم العرب والمسلمين وسط وجود الفكر الظلامي (الإسلا-إرهابي) المتغلغل في كثير من قطاعات المجتمع العراقي, والذي بالتأكيد يشرع لمزيد من القتل والمزيد من القمع الذي تطور من المبدأ النظري (الفاشستي) الى التطبيق على الأرض كما كان متوقعا .
ففرص العمل مثلا وحق العيش تكاد تكون محصورة للعرب العراقيين فقط (والذين في الحقيقة يعودون في الأصل الى شبه الجزيرة العربية التي تعتبر موطن أجدادهم التي وفدوا منها في وقت لم يوجد في أرض العراق غير أصحاب العرق البابلي الذين انبثقوا منهم أبناء الأقليات فيما بعد). فقد روى لي شخصيا أحد الأصدقاء المسيحيين بأنه عندما تخرج ولده من إحدى الجامعات المرموقة لم يوفر له أحد فرصة عمل, فقد كان يتجول بين الدوائر الحكومية بحسب تعبيره.. وقال لي جميع الدوائر كانت تدار من قبل أحزاب إسلامية شيعية أو سنية وهذا يعني ان فرص العمل الحكومية محصورة على الأغلب بين هؤلاء ومن ينضوي تحت لوائهم تبعا لقانون "الواسطة" المعروف في عراق 2003, وهذا يعطي أيضا صورة واضحة عن ما يعانيه أبناء العراق الأصليين من اضطهاد يحدث لهم كمن الذي يذبح بصمت في الليل الطويل.
أما القتل الذي نشهده اليوم والذي تقوم به المجاميع الإرهابية التي تعرف ب"داعش" في الموصل تحديدا التي تعتبر الموطن الأم للأقليات فهو ينطلق من كون هذه الجماعات الإرهابية تتبنى أيديولوجية دينية معروفة لا تعترف بحق الآخر في العيش بل تفتي بإهدار دمه علنا, فالتاريخ الإسلامي كان حافلا بالإنجازات الدموية التي كان يقوم بها رجال الإسلام الأوائل عندما كانوا يغزون المناطق المجاورة ويقتلون كل من لم يتفق مع دينهم الجديد وبعد ان يقتلوا جميع الرجال تحت راية " لا إله إلا الله محمد رسول الله" السوداء (والتي يحملها الدواعش اليوم!), يقومون بعد ذلك بسبي ما تبقى من النساء كجواري لهم كما يحدث اليوم من قبل الدواعش وهذا يعني ان "داعش" أو ما نسميها بهذا الاسم لم تأتي بشيء جديد بل إنها الجماعة الإسلامية الوحيدة التي تطبق تعاليم الإسلام الحقيقية دون مناورة أو مداورة كالبقية!.
ولا ننسى أيضا مضافا لوجود العامل الديني (العدائي) شعور الكثير من العرب العراقيين بالحقد و الدونية تجاه الأقليات وذلك راجع لأسباب كثيرة فكما نعلم الكثير من الأفراد المسيحيين والأيزيديين قد برزوا في مواقع مهمة في المجتمع فمنهم من كان طبيبا أو استاذا…الخ ناهيك عن اندماجهم مع الحضارة ومواكبة لغة العصر, وهذا يعطي للطرف المقابل (الأمي) الحق في الدونية التي خلقت فيما بعد بيئة مناسبة لنمو هذه المجاميع الذين هم بالحقيقة لم يكونوا إلا نتيجة لأدبيات قديمة ظهرت منذ التاريخ الإسلامي كما أشرنا.
اليوم تعاني العوائل المسيحية والإيزيديية من أسوء حملة إبادة من قبل الإخطبوط الإسلامي وسط صمت وتغافل العالم والمجتمع الدولي ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ما يحدث اليوم للأقليات هو مكمل لما جرى على يهود العراق إبان الفترة الملكية الراحلة؟, اعتقد ان هذه الجرائم التي ترتكب اليوم هي مكملة للجرائم التي ارتكبت بحق اليهود العراقيين لأن المنطق والعقل يقول ذلك…..وهذا يعني ان ما يحدث للأقليات ليس من قبيل المؤامرة أو ما شابه كما يدعي الكثير من السذج اليوم… لان المؤامرات قد تتغير أنماطها بمرور الزمن أما الثوابت الدينية العدائية فلن تغيرها السنون رغم اختلاف الشكل الزمني الذي لا يعني اختلاف الجوهر بالتأكيد خصوصا وان اليد القاتلة هي واحدة في الماضي والحاضر وان تغيرت أدوات ووسائل القتل, ففي الماضي كان غير المسلمين يقتلون ويذبحون بالسيف أما اليوم فهم يقتلون بالسلاح الناري والسيف معا!, لكن المشكلة لا تقتصر فقط على القاتل ونوعية السلاح … بقدر ما تكمن في وجود الفكر الذي ينطلق من أرضيته هؤلاء والذي لا اعتقد أنه ينتهي بسهولة خصوصا وأنه من منشأ إسلامي ومن ماركة عربية غطت الكثير من الأسواق الأوربية والعالمية اليوم!.